الزعيم محمد كريم، كلنا نعرفه ونذكره في كتب التاريخ التي تعلمناها ودرسناها في مدارسنا، لكن في اعتقادي أنه يستحق منا أكثر من ذلك، يستحق أن نمجده ونحفظ تاريخ مولده عن ظهر قلب، فقليل ما يجود الزمان بزعيم وحاكم مثله، فهو البطل والمجاهد عرف كيف يكسب قلوب أتباعه وأهله، فكان نعم الحاكم هو، حيث قام بتقديم نفسه مقابل أن يحمي أهالي الإسكندرية بنفسه وبدمه والآن لنتعرف معاً على هذا الرجل عن قرب.
من هو الزعيم محمد كريم
الزعيم محمد كريم ولد وترعرع بحي الأنفوشي الشهير بالإسكندرية بمنتصف القرن 18، وكان الزعيم محمد كريم يتيماً والذي تولى رعايته هو عمه، وبعدها كبر شيئاً فشيئاً ليعمل فيما بعد بمهنة القباني فيزن البضاعة للجمهور ويعطيها لهم، وكان يتسم بالخفة والسهولة في المعاملة مع الناس، حتى أحبه الجميع، على الرغم من انه لم يتلق أي تعليم، فلم يجد امامه إلا أبواب المسجد، وبالفعل استمسك بالمسجد وتلقى هناك تعليمه وتعلم الفصاحة والبيان، فأصبح خطيباً مفوهاً، واستفاد الزعيم محمد كريم بجود ندوات شعبية، ليتحدث هو بأسلوبه البراق والشجاع حتى عرفه أهل الإسكندرية وأحبوه، فلقد عرف كيف يصل إلى قلوبهم بالحب والكلام الصادق فقط.
تولية منصب حاكم الإسكندرية
كانت أحاديثه وسط الجموع الغفيرة، وشجاعته ولباقته سبباً في أن يصل إلى حُكم الإسكندرية، وهذا أمر طبيعي حيث اجتمعت حوله الناس وأحبوه سواء المسلمين او غير المسلمين ونال تقديرهم، وعهد محمد كريم بأن ينصر الضعيف وينصف المظلوم ويأخذ من الغني بالعدل ويرده إذا ظلم أو تجبر فلما لا يحب إذن؟
قصة محمد كريم ونابليون وجنوده
نادى الزعيم محمد كريم بالمماليك لمساعدته فقرر مراد بك ان يذهب بالجنود لحماية الإسكندرية، وأن يبقى إبراهيم بك ببعض الجنود لحماية القاهرة، لكن الوقت لم يكن في صالحهم، فحينها كان الزعيم محمد كريم يقاتل هو وبعض من الجنود، حيث نزل الاسطول الفرنسي بقيادة نابليون بونابرت في العجمي، نزل بها ومشى بضع خطوات ليجده كريم كالأسد يقوم بالمقاومة على الرغم من قلة العتاد وقلة الحيلة، إلا انه لم يجد أي طريق آخر سوى المقاومة هو وجنوده، وبالفعل قاوم وقاوم داخل جدران قلعة قايبتباي فهي شاهدة على دماء جنوده وعرقهم وخوفهم وآلامهم، نعم كلنا نخاف ونهرع، لكن الذي يخاف ويدع الخوف يتمكن منه لا يحتسب من الرجال بل الرجل هو من يواجه خوفه ويكون مستعداً للتضحية مقابل وطنه وعرضه ودينه، وهذا ما فعله الزعيم محمد كريم حتى اقتحم الفرنسيين القلعة بعتادهم الكبير وقوتهم الساحقة وأسروا بطلنا محمد كريم وجنوده.
اسروه فكانت الكفة والميزان ليس عادلاً، إذ لم يكن في الإسكندرية كلها سوى 8 ألاف فقط من المدنيين، اما الجنود فكانوا قلة قليلة، بعدما أسر نابليون الزعيم محمد كريم اعجب برباطة جأشه وعينه التي كانت دوماً صوب عينيه فلم تذل أو تنكسر فكان كريم يعلم بأن نصر الله آت وقريب، فما كان من نابليون بونابرت إلا أن قام بتعيينه حاكم للإسكندرية وفك قيده من الآسر، ولما هب نابيليون بعدها لمغادرة الإسكندرية واستكمال طريقه لاحتلال القاهرة، فعين مكانة كليبر، فكانت فرصة الزعيم كريم أن يصول ويجول ويذهب إلى الناس يخبرهم فيها بأن يجاهدوا ويقاتلوا المعتدي الظالم ويحث الناس على طرد الفرنسيين، بعدها علم كليبر بما يفعله الزعيم محمد كريم واعتقله وأمر بإرساله إلى القاهرة ليعدم هناك.
إعدام الزعيم محمد كريم
وقتها لم يجد بونابرت أمراً لهذا المقاتل الباسل إلا إعدامه، فلم يرد نابليون إعدامه من البداية لأنه يعلم جيداً انه عند قتل أو اعدام الرموز الكبيرة أو الزعماء سيصبحون في عتاد الرحيل، لأن الشعب لن يصمت حتى اذا هدأوا واستكانوا قليلاً بعد موته، فما هذا السكون إلا الهدوء الذي يسبق عاصفة الحق، عاصفة التمرد على كل معتدي وغاصب، أمر نابليون في يوم 6 سبتمبر عام 1798 أن بإعدام الزعيم محمد كريم رمياً بالرصاص
فأركبوه حماراً وطافوا به إلى ان وصلوا الى ميدان القلعة، وهناك رموه بالرصاص وقطعوا رأسه وعلقوها على عصا كبيرة وجعلوا منادى ينادى "هذا جزاء من يخالفنا هذا جزاء من يخالفنا" وبعدها قام اتباع محمد كريم بأخذ رأس زعيمهم ودفنوها بجوار جسده، وأقسموا ليجعلوا الفرنسيين مجرد صفحة من الزمان تطويها رجال وقلوب من أحبوا زعيمهم محمد كريم، ولينقذوا بلادهم من هذا اللعين نابليون، وبالفعل ما أن يقسم المصريون على شيء إلا ويتحقق، تم إجلاء آخر جندي بمصر في عام 1801 م بعد مقاومة شعبية كبيرة.
رسالة ورجاء
في آخر اي مقالة لي أحب أن رفق فيديو حتى تتبلور لك الفكرة وتصل إليك من كافة الجوانب، لكن المؤسف في الأمر عندما كتبت في اليوتيوب محمد كريم، وجدت فقط اناس يلهون وممثلين مجرد عبائه فارغه مظهر فقط، فما احوجنا إليك يا زعيم ما احوجنا إليك ايها الزعيم محمد كريم!
تعليقات
إرسال تعليق