قصة عن الفقر |
الفقر هو الألم لكن الألم الأكبر هو أن تُذل
وان تتعرض للمهانة من أقرب الأقربين من الزوجة! سجل لنا جلال الدين الرومي قصة عن
الفقر أبطالها أعرابي وامرأة زائفة أساءت الأدب مع زوجها وعيرته بفقره، واستزادت
حيث صرحت بأنها تريد رجلاً لا مجرد خيال مآته لنتابع معاً بقية الحديث.
قصة عن الفقر .. حديث الزوجة وإساءة الأدب
في يوم من الأيام تحدثت امرأة اعرابية مع زوجها،
وبالغت في القول والحدة، فقالت له إننا نعاني كل هذا الفقر وشظف العيش، والعالم
كله في هناء ورغد من العيش إلا نحن في إملاق!
فلا خبز لدينا وإن وجدنا وأكلناه (حاف)
ستتألم أمعاؤنا وبطوننا، لأننا لا نملك آنية للشرب لتساعدنا حتى في بلع العيش، أما
ماؤنا فهو من دموع العين.
استزادت السيدة لتقول ساترنا في النهار حرارة
الشمس، وحشيتنا ولحافنا في الليل هو ضوء القمر، حتى اننا نرفع أيدينا بالليل ظانين ان قرص القمر لهو رغيف
من الخبز
ان فقرنا ليزري بالفقراء، والنهار والليل يأتيان وكل شغلنا الشاغل هو الإجابة
عن سؤال كيف نحصل على الرزق؟ والقريب والغريب صاروا نفورين منا، كنفور الناس من
السامري
ولو
جاء أحد يطلب منا حفنة من العدس، والله لنطق العدس من شدة فقرنا فيقول له اصمت
أيها الأبله، أوليس العرب معروفين بالفخر والكرم؟
إذن
فأنت في العرب كالخطأ في الخط، أما الغزو فأي غزو ونحن بلا غزو فلقد قتلنا أنفسنا
وأصبحنا من سيف الفقر بلا أي رؤوس!
لقد أصبحنا أذلاء من كثرة العناء والفقر، فنحن
على الفقر مقيمين، ولو دخل علينا ضيف دون أن يتثبت منا ويعرف حقيقتنا من خلال شم
رائحة الفقر التي بلغت الأميال، لجعلت من نعله قوت غذاء لنا، ولكنت جردته من ثيابه
وأبيعها ليلاً وهو نائم!
رد الأعرابي على زوجته
ابتسم لها الأعرابي وهو يتكئ على وساده كان قد
ملاها من القش لتكون عوناً له وقت الأزمات تلك، قال لها عجيب تطلبين الزرع والدخل؟
وما الذي تبقى أصلاً من العمر؟
لقد مر أكثره، والعاقل لا ينظر إلى الزيادة
والنقصان، لأن كليهما يمضي كما يمضي السيل، فسواء كان السيل صافياً ام كدراً ما
دام لا يمكث فلا تتحدثي عنه!
في هذا العالم آلاف الأحياء، تعيش عيشاً حسنا
لا صعود فيه ولا هبوط راضية بقضاء الله، فاذا نظرت إلى الشجرة التي امامك ستجدينها
مملؤة بالعصافير التي تغرد بحب الله وتحميده وهي لا تعلم حتى هل مصيرها القتل على
يد صائدها، أم انها ستجد ما تسد به جوعها لا تعلم أي شيء سوى التوكل على الله "تغدو خماصاً وتروح بطاناً"
الصقور التي تشاهديها عالية في السماء، جعلت
رجاءها في يد المليك المقتدر، وقطعت آمالها عن كل الجيف، وهكذا دواليك من البعوضة
حتى الفيل
الجميع عيال الله وكلنا فقراء في الحقيقة إليه لا أحد سواه، وإن كل
هذه الأحزان هي من بخار كبريائنا ووجودنا وترابها فلنقتلع هذه الأحزان ما دام المنجل والفأس
معنا، فهذا صار وهكذا كان هو الوسواس لنا، وذكري بإنهم يسحبون الخراف من المرعى، ليذبحوا
أسمنها.
لقد مضى الليل علينا في الحديث وأقبل الصبح
يا قمر، لا تعيدي مثل هذا الحديث مرة أخرى فلقد كنت شابة وكنت أكثر قناعة، وصرت
طالبة للذهب وقد كنت ذهباً، كنت كشجرة مليئة بالعنب فكيف أصبحت خاوية هكذا؟ هل
أصابك الخراب أم ان الوقت قد حان لقطاف ثمارك؟
أنت زوجي والزوجة ينبغي أن تشارك زوجها
صفاته، حتى تتم الأمور كلها، هلا نظرتي إلى زوجين من الأحذية، إذا ضاقت فردة حذاء
على القدم لن تفيد زوج الأحذية بشيء،
حتى انظري إلى الباب الضعيف الذي نملكه، هل
أحدهم كبير والآخر صغير؟ وهل رأيت ذئباً زوجاً لأسد؟
إنني أمضي نحو القناعة قوي القلب، فلماذا تتوجهين
انت نحو الافتضاح والمسبة وسوء الأدب؟ وهكذا ظل الرجل القانع يتحدث إلى زوجته
بإخلاص وحرقة حتى طلع الصباح.
انتهاء الجزء الأول من القصة
إلى هنا ننتهي من الجزء الأول من "قصة
عن الفقر" قصة الزوجه التي أساءت الأدب مع زوجها بسبب الفقر، في الجزء
الثاني سنتعرف على رد الزوجة على كلام زوجها وهل اقتنعت به؟ ام استكملت وصلة إساءة
الأدب، شكراً على حسن المتابعة في انتظار تعليقاتكم عن الجزء الأول من القصة ودمتم
سالمين.
تعليقات
إرسال تعليق